19 - 10 - 2024

مدينتي الفاضلة| فرحة سيد بك قشطة بإغلاق الحديقة

مدينتي الفاضلة| فرحة سيد بك قشطة بإغلاق الحديقة

الحيوان الوحيد الفرح لإغلاق حديقة الحيوان هو "صدام"، سيد بك قشطة، كتقدير عادل إمام له.. ليتمتع بالأكل والجنس في هدوء.. سيد عرف أخبار حديقته من بطة شقراء مهاجرة، كانت سابحة بأمان وسط أهله النباتيين في مياهه الاقليمية.. السابحة الأجنبية أخبرته عن المليار دولار التي أودعتها إحدى شقيقات مصر لتطوير الحديقة.. ونفت علمها بخطط وشروط الادارة، وجنسيات المطورين، متمثلة بحرص وزارة زراعتنا.

حوار البطة مع سيد رفع وعيه، وأثناء غطسه ملاصقا لأسرته ليلا، تذكر هويته!! هو سليل أفراس النهر، الأثقل وزنا الأسرع سباحة.. و"قشطة" كان لقبا عنصريا من زملاء حارسه الزنجي الطيب "سيد"، فأسماه صدام لإرهابهم باطلاقه لالتهامهم بلعا اتنين اتنين!! 

باح صدام لزوجته عزيزة بقلقه على هوية الحديقة.. لأن مفهوم أطفاله تامر وصفاء للهوية والتطوير هو ضمان وفرة الغذاء!! فضفض ثم شاركها التثاؤب، وناما تحت الماء.. لكن وعيه استيقظ فانتفض قلقا على هوية بيته الكبير!! وهاجمته الكوابيس الملعونة.. يرى القرود والنسانيس نظيفة "متربية"، لا قرد يرقص ذلا لأجل موزة، ولا نسناس يتسول حبة فول سوداني.. لكن الحديقة معبأة بروائح عطرية يفوح منها مسك طمس وجود "الجير الحي"، الذي اعتاده لامتصاص الغازات وتنقية المياه والتربة!! لكز عزيزة خفيفا بقدمه يستفسر، فنصحته بالصمت، ليس لفضول الأنثى في تذوق العطور، لكن لحكمة اكتسبتها من موظفي وزوار الحديقة!! ذكرته بشروط التكافل هنا، طعام مجاني له ولأسرته مقابل الفرجة عليهم!! 

انكسر صدام خزيا، لأنه سبق وقبل استبدال القشطة بالعسل الاسود.. نص كيلو عسل اصطباحه لا يمسح الزور، ولا يرطب ربع شوال واحد عيش فينو من إفطاره، لولا حلاوة الجزر والـ75كيلو برسيم.. لكزته عزيزة ليهنأ بنومه، فأزاحت الاحلام الحلوة كوابيسه.. رأى نفسه سيد فعلا، محاطا بحشد عبيد وجواري، أقدامه ما عادت صغيرة كأقدام الفيل!! كل ما فيه يتعاظم خصوصا أنيابه!! تلاشى خوفه من الانقراض جوعا في الحديقة.. سمع عفريت المصباح يسأله أؤمر!! المفاجأة لجمته لعدم تجربة أن يأمر!! 

لكن صحوة كالسحر أهدته ثلاث اختيارات!! أن يطلب حرية العودة للوطن!! فتح الحواجز لسيدات قشطة!! الانفراد بسيادة الحيوانات واعلان حماية أصحابه الطيور!! قاوم فزع اختبار صلاحية عقله، وتقمص شخصية الأسد الحر.. منح سكان الحديقة ديمقراطية إصدار وثيقة حماية حقوقهم.. 

زئيره بتر صراعهم.. أعلنوا نصف أول البنود، إعادة الروح للحديقة، لكن اختلفوا روح الصحراء أم الغابة!! قرر هو ابتكار مزج الروحين، مطيلا الاستمتاع بتطاحنهم حتى نزفت دماؤهم.. زمجر فاتحا فاه مظهرا وزنه، فاختفي كل كائن بالحديقة!! دار يتفقدهم، فاكتشف اختفاء الكل، سكان وطعام، نباتي وحيواني!! صيحته أعادت البطة السايحة بعد طيرانها  شرقا، ورؤيتها لولائم منتجعات موظفي الحديقة، شواء ورقص وبذخ!! 

رعبه ألقاه في كابوس خفيف، لايزال أسدا، لكن وحيدا في الحديقة المغلقة، عاجز عن الزئير، وهو ما لا يحدث إلا لانعدام الخائفين!! دار يتفقد، الأقفاص مفتوحة عن شبه موتى، ما عدا قفص الحمير، مفتوح وفارغ!! هل هربت الحمير، أم زانت موائد الولائم!!

أخيرا شقشق الفجر تحت الماء، ودوت صيحة عم محمد لصدام وعزيزة، ملوحا بالفينو الطازة.. فرح سيد قشطه لما تأكد أنه استعاد هويته في الحلم!! رفع رأسه وانتشى برائحة الجير الحي، وحمولة البرسيم اللذيذ، والجزر والبطاطا.. فتح بوابة معدته عن آخرها، قبل منافسة أولاده.

 وزن سيد قشطة يصل إلى 4 طن، تعادل وزن ضمير كل تاجر يستنزفنا اليوم دون رادع. 
---------------------------------
بقلم: منى ثابت

 

مقالات اخرى للكاتب

مدينتى الفاضلة | يعني إيه حياة كريمة؟